مسجد الشيخ الصالح العابد شاهين الخلوتي :

كما يوجد بجبل المقطم مسجد الشيخ الصالح العابد شاهين الخلوتي والشاهد لهذا المسجد من بعيد يتعجب له وكان المسجد منحوت في صخر المقطم والشيخ شاهين الخلوتي ولد في بلده تبريز بايران وفي شبابه جاء الي مصر في عهد السلطان قيتباي وانتظم في جنده وبسبب شجاعته وجميل خلقه اشتراة السلطان واصبح من مماليكه ولكن الجنديه كانت لا تروق للشيخ شاهين الخلوتي فاتجه لمصاحبه الفقهاء وحفظ القرأن والاحاديث ولما عرف السلطان ذلك قربه اليه اكثر واصبح لا يفارق مجلسة ولما طلب منه شاهين ان يتركه لعبادة ربه فعل قايتباي واعتقه فمشي شاهين الي بلاد فارس وهناك تتلمذ علي يد الشيخ العارف بالله عمر الروشيني الموجود بالمدينة حتي اصبح من اقرب تلاميذه ومريديه واخذ عنه الطريق ثم رجع الي مصر وصاحب ولي الله محمد الدمرداش بالعباسيه واصبح من اعز رفقائه ومريديه ولذلك عرف بشاهين الدمرداشي المحمدي كذلك اخذ الشيخ شاهين الطريق عن الشيخ احمد بن عقبه اليمني وحسن جابي المدفون بزاويه الدمرداش ولما توفي الشيخ الدمرداش ترك الشيخ شاهين العباسيه وسكن جبل المقطم وبني له فيه معبدا وحفر له فيها قبرا وكان طبيعيا ان يلجأ الزهاد والمتصوفون الي جبل المقطم وياخذون من سفحه مقاما ومن اوديته مناما بعد ان عرفوا تقديس الديانات السماويه لجبل المقطم فقد قال عنه ابن الزيات ان جبل المقطم كان اكثر الجبال انهارا واشجارا ونباتا فلما كانت الليله التي كلم الله فيها موسي اوحي الي الجبال اني مكلم نبيا من انبيائي علي جبل منكم فتطاول كل جبل وتشامخ الا جبل الطور فانه تواضع وصغر فاوحي الله سبحانه وتعالي اليه بموسي ولما سال الله جبل الطور لما فعلت ذلك قال اجلالا لك ياربي فاوحي الله تعالي الي الجبال ان يجود كل جبل بشئ مما عليه ففعلوا الا جبل المقطم فانه جاد له بحميع ما كان عليه من الشجر والنبات والمياة فصار كما ترونه الان اقرع فلما اعلم الله سبحانه وتعالي بذلك اوحي اليه وقال لجبل المقطم لاعوضنك عما كان علي ظهرك ولاجعلن فى سفحك غراس اهل الجنه وحكي الامام الليث ابن سعد ان المقوس كان طلب من عمرو ابن العاص ان يبيع له سفح جبل المقطم بسبعين الف دينار فكتب عمرو بن العاص بذلك لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب فردعليه عمر قائلا:اساله لماذا تريد ان تشتريه وهو لا يزرع ولا يستنبط منه ماء. فسال عمرو بن العاص المقوقس عن ذلك فقال اني اجد في صفحه الكتب القديمه وانه يدفن فيه غراس الجنه فكتب بذلك عمرو بن العاص لامير المؤمنين فرد عليه قائلا : انا لا اعرف غراس الجنه الا للمؤمنين فاجعلها مقبرة لمن مات قبلك من المسلمين …

واستمر الشيخ شاهين مقيما في خلوته بجبل المقطم لا ينزل منه نحو ثلاثين سنه ولما اشتهر امرة تردد عليه الناس والامراء والوزراء لزيارته والتبرك به وكان كثير المكاشفه قليل الكلام وفي ذلك يقول الشعراني كنا نجلس عنده اليوم كاملا تكاد تسمع منه كلمه وكان كثير السهر في عباده لله متواضع الملبس معتزلا عن الناس وظل كذلك حتي توفي سنه 901
والمسجد يعتبر ضمن مجموعه اثرايه تضم المسجد وضريح وثلاثه قبور اكبرهم للشيخ شاهين الخلوتي ثم اخران لجمال الدين شاهين وابنه محمد شاهين والصعود اليه بمزلقان من باب القبه ويعلوة قطعه رخام مكتوب عليها بسم الله الرحمن الرحيم انشا هذا الجامع ووقفه العبد الفقير الي الله جمال الدين عبد الله نجل العارف بالله الشيخ شاهين الخلوتي وافتتح عام 945 هجريه
وكان المسجد اربعه اعمده من الحجر وقبلته مشغوله بقطع من الرخام الملون والصدف وداخل القبه ايضا مكتوب تاريخ تجديدها عام 1007هجريه ويقال انه كان يوجد صهريج مياه (بئر)

المصدر : المعادي في قلب التاريخ – عادل الغيطاني