قضيت فى المعادى سنوات عمرى بداية من عمر التاسعة وحتى تزوجت والآن على الرغم من ابتعادى وسكنى فى حى الهرم ، إلا أننى أرى المعادى أجمل الأحياء على الإطلاق ، بأشجارها الكثيفة، بطيورها اللطيفة، بشوارعها النظيفة، بكلابها الأليفة، برجال مرورها، ببائعى محالها، بموظفى محطة المترو بها، بناديها الشهير، بكورنيشها المهيب، بفنادقها الأنيقة ، بأطبائها النابغون ، بشارع رقم تسعة الذى جعل منه عمرو دياب بطل فيلمه آيس كريم فى جليم .
من أسعد لحظات حياتى عندما أكون فى طريقى إلى منزل والدى، وأمر على الكورنيش ثم المدخل الأول ثم الثانى ثم ندخل إلى أعماقها، حتى وإن توقفت حركة السيارات وتعطل الطريق، لا أمل ولا أضجر.
فأنا أعشق المعادى عشقٱ ليس بعده عشق، أعشق كل ما فيها وأشعر أنه مختلفٱ، حتى سكانها أشعر بأنهم مختلفون، غير باقى البشر، أكثر أدبٱ، أكثر أخلاقٱ، أكثر ودٱ، أكثر اتقانٱ للعمل، أكثر نشاطٱ.
هل تصدق أننى أشعر أن الهواء هناك غير باقى الهواء فى غيرها من الأماكن، عندما نذهب بعيدٱ عنها وكلما ابتعدنا أشعر باختلاف الهواء، فالهواء بها مفعم بطاقة الخير والهدوء والطيبة، يشعرنى براحة شديدة حتى لو مشيت على قدماى لساعات، لا أكل ولا أتعب.
أجد الشوارع هناك تحبنى كما أحبها ، فأطيل بقائى معها وأنا فى تمام سعادتى، تنتشل منى تعبى وضيقى مهما بلغا.
وعلى الرغم من أننى تزوجت بعيدٱ عنها ، إلا أنها لم تبعد عن عقلى وقلبى، فكما أنا جزء منها ، فهى جزء منى، دائمٱ جذابة، أنيقة ورقيقة، أو هكذا أراها ، ويراها الكثيرون من معارفى ، الذين تربوا فيها وتزوجوا بعيدٱ عنها ولكن عشقها لم يغادرهم ساعة، لأنها تستحق هذا وأكثر .
مجرد ذكر اسمها أو قراءته يصيبنى بسعادة جمة.
هذا المقال ليس فقط دعاية لها، وانما اعتراف بالجميل وتقدير وشكر لكل ما أهدته لى هذه البقعة من الأرض من ألفة وسكينة وانفصال عن العالم .